هناك ظلمٌ في مشهد الحبّ للمحروم من الحبّ أو العاجز عنه. المحروم سيلحق بالحبّ بين يوم وآخر، لكن العاجز عن الحبّ لا بدّ له من اجتياز الجحيم.
أصعب أنواع التحوّل هو هذا. أشبه بالمعجزة. بولادةٍ من المقلب الآخر للدماغ.
البالغ إلى الحبّ بعد صحراء لن يعود قادراً على التصحّر. العجز سيغدو عجزاً عن الماضي.
ولا نخطئ فنخلط بين الحبّ واللعيان العاطفيّ أو الحبّ وغريزة إشباع الرغبة. في الحبّ أيضاً غريزة، لكنّها نعرة الينبوع المتململ تحت الحجارة قبل أن يتدفّق بعطائه الأعمى الغامر.
العاجز عن الحبّ قد يعوّض بالحريّة، وهي بالفعل تُعوَّض، ولكنْ كمَن يهرب من مرآةٍ إلى مرآة ولا يرى إلّا الصورة التي أراد أن يتجنّبها. الحريّة أريَحُ من الحبّ، راحة الهائم الخاوي، ولكنْ إلى متى؟ هل يكتفي الهواء بأن يكون هواءً في مدى بلا بحر ولا نهر ولا شجر ولا كائنات؟ مَن يداعب عندئذٍ، مَن يلاعب، مَن يُحرّك، كيف يشعر بوجود نفسه؟ قد يلعب الهواء مع نفسه ليلتهي، كما يفعل النرجسي، لكن النرجسي بحاجة، ولو بين الحين والحين، إلى حطبٍ لمدخنته، إلى معجبٍ يلقم إعجابه بنفسه، يُجدّد نظرته العاشقة لنفسه، وإلّا جفّ وتفكَّكَ من الرتابة. الحريّة غير المتلاطمة العواطف، غير المسكونة إلّا بصاحبها، عُنوسٌ عنكبوتيّ حزين.
والهواء وحيداً يختنق.
Post a Reply