أدلجة العولمة في العصر الرقمي – الدكتور نبيل علي

الدكتور نبيل علي

تصبو العولمة الراهنة في العصر الرقمي إلى احتواء كل أنشطة الإنسان، وممارساته،وعلاقاته وأفكاره وقيمه ومعتقداته وأمور تنميته وبيئته وصحته وشغل أوقات  فراغه، بالإضافة إلى كل ما يتعلق بالسيادة والهوية وحقوق الأقليات والملكية الفكرية. العولمة إذن-كما يقول محمد عابد الجابري- ليست  آلية من آليات التطور الرأسمالي بل هي أيضا، وبالدرجة الأولى، أيديولوجيا تعكس إرادة الهيمنة على العالم.

إن العولمة في حقيقة أمرها، ما هي إلا أدلجة متسرعة ذات طابع انتهازي، تتم في غيبة من الأيديولوجيات المناهضة، وتستند إلى فكر منحاز ومعرفة عارضة وعلم زائف من قبيل نهاية التاريخ وصراع الحضارات، والفوضى الخلاقة، وما شابه، وعلى الرغم من طابعها الأيديولوجي، فهي تقدم رؤيتها الكونية بوصفها نقيضا للأيديولوجيا، زاعمة أن الجنس البشري لديه القدرة لأورة مرة على بناء مستقبله لا على أوهام أيديولوجية سقيمة، بعلى على مجموعة من الأسس والقيم العامة المشتركة بين البشر جميعا. وتنطلق هذه النظرة من اعتقاد مؤسسيها أن حداثة الغرب لا نهاية لها ولا تعمل على نمط نهائي فهي إلى تطوير مستمر، وأن نموذج الاقتصاد الليبرالي القائم على تحرير الأسواق هو نمط التقدم الذي يناسب الجميع.

وما أبعده حلما على الواقع، فها هي حداثة الغرب تعاني الأزمات على عدد من الجبهات، وترتفع الأصوات المناهضة لها إلى حد إعلان القطيعة التامة معها من قبل معظم مفكري ما بعد الحداثة، وتؤكد حقائق الواقع، وأرقام الإحصاءات، أن عولمة الأسواق لا تقيم تلك القرية الكونية الي لا يملون الحديث عنها، وعن ذلك الوئام الذي يعم في أرجائها، ينعم فيه الجميع بسلام دائم على أسس من خلق عالمي يلتزم به البشر كافة، وإن لم ..فإزلام يُفرض بقوة القانون من خلال المنظمات الدولية، وعسى أن يكون في الكساد الاقتصادي الذي حل بالعالم أخيرا، من جراء هذا الفكرة العولمي المؤدلج قصير النظر، عبر لمن يتعظ. 

العولمة

سورية… لنا نبـل الحزن…وإرادة النصر

أشرف كنجو
لنا الجمعة الحزينة و أيام عاشوراء وسيف بني أميّة…
لنا نبل الحزن وشكيمة الصبر وإرادة النصر … 
لكم خياناتكم وفنادقكم و بهرجة فرح ٍ خادع بكرسي زائل في مجلس ٍ عاقر ٍفي التاريخ عابر  … 

 

لنا نصر الله و قيامة المسيح وتراتيل فيروز وذو الفقار يذود عن سيف دمشق المسلول في ساحة الأمويين …
لكم زريبة في حاشية التاريخ خلف بلاط أمرائكم المفتين بنكاح أخواتكن…
ولمثلنا قيل: "أمويون فإن ضافت بهم ألحقوا الدنيا ببستان هشام"…
لنا هيهات منا الذلة …ولكم كل الذلة …
سورية_سوريا_syria

أطيل الصمت ..ولا أجيد الكلام

أشرف كنجو

أطيلُ الصمت ..
 
ولا أجيد الكلام ..
 
حين أتكلم بقلبي تنساب الكلمات من فمي أجساداً متقدّة بالرغبة ..
 
يمتلأ المكان بزنابق بريّة …
 
يشفّني الوجد..
 
تهجع الدنيا ..
 
يصير الكون وجهكِ ..
 
أخرج مدفوعاً بحبّي ..حاملاً عشقي لكِ وللبلاد ..
 
فتنبثق الحياة ..

 

الصمت

الجائزة العالمية للرواية العربية أداة للصراعات الإقليمية

 

أشرف كنجو

على مدى قرابة السنتين نواظب أنا وأصدقاء في منتدى اقرأ – المنتدى العربي للكتاب -في دبي على قراءة القائمة الطويلة لجائزة البوكر بنسختها العربية ، أو ما يعرف بالجائزة العالمية للرواية العربية. حيث جمعنا حب القراءة و الرغبة بإلزام أنفسنا بقراءة رواية واحدة على الأقل خلال الشهر، في مدينة كدبي حيث العمل الذي يطيح بكل الوقت ديدن الحياة ونمط معيشي لأغلب ساكني المدينة.

ولما كان الاختلاف على الاجتماع على اختيار رواية معينة ، قرر الأعضاء اتخاذ قائمة البوكر الطويلة كقائمة قراءة على مدار العام، تسهيلا لعملية انتقاء الرواية الشهرية، وربما إيماناً من الأعضاء أن مجرد ترشيح الرواية للجائزة شرط كاف لجعلها جديرة بالقراءة، وأفضل من غيرها من الروايات.

و منذ دخولي المنتدى كان لي اعتراض لم أفصح عنه بداية الأمر متعلق بالجوائز بشكل عام و الجوائز الثقافية بشكل خاص و جمهور الجوائز، من حيث تسليع الذائقة من خلال الجوائز التي لطالما آمنت بأنها تخدم سياسة واقتصاد أكثر مما تخدم الغاية المناطة بالجائزة، فتتحول الظواهر الثقافية إلى كرنفالات احتفالية وعلاقات عامة بعيدا عن الجوهر. وبعد عدة روايات رديئة على كافة المستويات بدأت أتململ حقاً من الموضوع وهو ما لاحظه معظم الصديقات –لإن الصفة السائدة لأصدقاء المنتدى هي من الإناث في ظل عزوف الرجال عن فكرة القراءة على ما يبدو-  في المنتدى، وكان معظمنا في نقاش كل رواية يتساءل عن سبب ترشيح رواية كهذه أو تلك للجائزة، إلى أن خلصت أنا ومجموعة من الصديقات بأن ترشح رواية ما إلى جائزة البوكر هو رهن ردائتها.

في أوائل كانون الأول من 2012 تم الإعلان عن القائمة الطويلة لجائزة الـ 2013 في الدورة الخامسة للجائزة، ولم أستغرب عدم ترشيح رواية فرسان الأحلام القتيلة لمؤلفها ابراهيم الكوني أهم القامات الروائية في وقتنا الحالي للجائزة، كون الكاتب ليس مؤيدا للربيع العربي ومن أهم منتقديه في حين تم ترشيح رواية إلياس الخوري للسبب ذاته، مع الحرص على وضع رواية لوليتا لواسيني الأعرج في القائمة الطويلة كمحاولة لتلميع صورة الجائزة البائسة.
 

اليوم تم الإعلان عن القائمة القصيرة للجائزة مع استبعاد رواية واسيني الأعرج، مع الحرص على اختيار أهم رموز "الربيع العربي" في سوريا علي فرزات كعضو لجنة تحكيم للجائزة هذه السنة على وجه الخصوص دوناً عن السنوات السابقة.

وأحب أن أختتم بجزء من حوار لأسعد الجبوري عن جائزة البوكر العربية أجراه عام 2008 بخصوص جائزة البوكر العربية :

** :بعد عدة مجموعات شعرية اتجهت للرواية و أصدرت 3 روايات،لماذا هذا الاتجاه ، وهل منحتك الرواية ما لم يمنحه الشعر ، وما الذي يمكن للرواية أن تمنحه للشاعر؟

** أسعد الجبوري: كان يوم ذهابي للرواية يوماً عظيماً.كنت هارباً للتو من قبضة الإعدام. وكان عليّ التقاط الأنفاس وكتابة سيرة شخص سياسي معارض حكم عليه بالإعدام، فحاول مغادرة العراق عن طريق مهرب دولي كان يعمل ضابطاً في الأمن الحكومي.ولو لم تقع زوجة ذلك الضابط في غرامه وتحتجزه في منزلها (منزل الشهوات) الحدودي لأيام، لكانت الأمور قد ذهبت باتجاهات أخرى. إن روايتي((التأليف بين طبقات الليل))التي أصدرها إتحاد الكتاب العرب كانت ثمرة ذلك الهروب الأول، ليس هروباً من الشعر،بل من الموت. بعدها كتبت روايتي الثانية ((الحمى المسلحة)) التي صدرت عن الشركة العربية الأوروبية ومن ثم رواية((اغتيال نوبل)) التي تمثل كما أعتقد قفزة في تاريخ الرواية العربية. ولكنها قفزة في فراغ النقد.

** : لماذا لم تدخل بها للمشاركة في جائزة البوكر العربية مثلا؟

** أسعد الجبوري: لقد شاركت العام الفائت. ولكن الأمور كما يبدو كانت شائكة ومعقدة وغامضة.

** : كيف؟

** أسعد الجبوري: لقد أصبحت جائزة بوكر العربية أشبه ببركة للرمال المتحركة. ثمة تناقضات مرعبة. لقد تُركتِْ هذه الجائزة على قارعة الطريق دون تخطيط تقني أو حماية دقيقة. لقد تخلى عنها الإماراتيون بطريقة محرجة، وهو ما أعطى انطباعات غير ودية وطيبة عن الطريقة التي تمت بها تبني مشروع الجائزة ورميها إلى خارج الحضن الخليجي، وكأنها تحمل عاراً!!. فهل تبنت دولة الإمارات مشروع هذه الجائزة من أجل عيون فلانة مثلا؟أم من أجل أمية فلان وسمسراته ؟. ما حدث برأيي يعكس عملاً يؤكد على خطيئة غير مسبوقة تعني إلغاء الشخصية المحلية لدول الخليج.

** : ماذا تعني بذلك .هل ثمة ما يريب مثلا ؟

** أسعد الجبوري: هذا سؤال يوجه إلى مؤسسة الإمارات في أبو ظبي: لماذا تم تسليم لحية جائزة البوكر إلى أشخاص لا يملكون موهبة تؤهل أحدهم للتحكم بمصير الجائزة وآفاق عملها عربياً؟.ما الثقافة العظيمة التي يتمتع بها صموئيل شمعون ليكون رئيساَ للجنة تحكيم هذه الجائزة مثلاً، وهو شخص بسيط لا يملك أية مقومات ثقافية أو نقدية تؤهله لهذا المنصب الذي رُتب إليه ترتيباً. و من هي غالية قباني أو جمانة حداد على صعيد الفقه الروائي أو البلاغة النقدية عربياً لتسند إليهن مثل تلك المهمات مقابل الدولارات والعمولات الجانبية؟ ألست هذه الأسماء أشبه بعملية تدمير مسبقة الصنع للجائزة التي حُددت بأسماء دون معنى على صعيد النقد الأدبي والتحكيم ؟. ألا يوجد في الإمارات العربية المتحدة شخصيات نقدية وثقافية مهمة ومؤثرة ولها باع طويل من أمثال القاص محمد المر والدكتور صلاح قاسم والروائي علي الرز والروائي إسماعيل فهد إسماعيل وطالب الرفاعي ويوسف المحيميد ومحمد عبيد غباش، وعلي أبو الريش وأمين صالح وسواهم من نجوم الأدب ليعهد لهم مسؤولية هذا الجائزة الإماراتية إدارة وإشرافاً وتحكيماً ؟!!.ألا يصاب الإماراتيون بالصدمة عندما يصبح عنوان جمانة حداد ((ص.ب: 280 – جونية – لبنان ))بدلاً عن أبو ظبي عنواناً لإدارة الجائزة؟!!

** : ألهذا السبب قاطعها الكثيرون كما ذكرت الصحافة العربية؟

** أسعد الجبوري: نعم. الروائيون العرب عبروا عن مرارتهم من سوء إدارة الجائزة. لقد غيب القائمون على إدارتها أكثر من ثلاثين روائياً عربياً بسبب العداوات الشخصية والمشاكل الطائفية والانتماءات الإيديولوجية والصراعات الإقليمية.

 

217783_461228087258485_1720611447_n

مخيم اليرموك..هـرقـل جديد لفـتـنة سورية-فلسطينية

أشرف كنجو

صدرت التعليمات لإرهابيي السلفية في العالم و الذين يحاربون في سوريا بنقل نشاطهم الإرهابي  إلى مخيم اليرموك ذي الغالبية الفلسطينية، ليس عبثاً أو عن سوء نية بل بشكل متعمد لتحقيق هدف قذر آخر في شباك سورية الجريحة، حاولوا تحقيقه فيما سبق في محاولات باءت معظهما بالفشل لإحداث انقسام سوري-فلسطيني، فارتأوا معاودة الكرة مع تسليط إعلامي أقوى وأقذر علّها تفيد المحاولة الجديدة، ولا يهمّ أيّاً كان عدد القتلى ولا الدماء المسفوكة في حرب ميكافيليتها كفيلة بتبرير كل الدماء والجثث والدمار والخراب للوصول إلى الغاية.

قاتل هؤلاء الإرهابيون في مخيم اليرموك محتميين بالدروع البشرية التي تقطن المنطقة، كما في كل حروبهم القائمة على دخول مناطق المدنيين واتخاذهم كدروع بشرية، غير آبهين بحرمة الأماكن الدينية والمرافق العامة ذات السبغة الإنسانية الخاصة كدور العبادة والمشافي والمدارس وغيرها ، لذلك  كان من الطبيعي أن يقع ضحايا مدنيين من سكان المنطقة في الاشتباكات التي جرت بين الجيش السوري وجحافل الإرهابيين هنالك،كما حصل في كل منطقة سورية دخلها هؤلاء الإرهابيون . وهنا يتم الخلط عمدا من قبل وسائل الإعلام التي تدير الدفة الرئيسية في الحرب على سوريا، كما حصل أيضا في كل منطقة، بإن الجيش السوري الذي يمارس مهامه الوطنية وفق مقتضيات الدستور في الدفاع عن البلد وأهله هو المتسبب في سقوط الضحايا المدنيين، في حين أن هؤلاء الإرهابيين هم الملائكة المساكين المغلوب على أمرهم ، رغم أنهم هم أنفسهم الذين  شرعوا في معركة جلّ أملهم فيها أن يوقعوا العدد الأكبر من الضحايا المدنيين تمهيدا لدور الإعلام المناط به إكمال النصف الآخر من المعركة، من خلال لعب  دور العدد العاملي الذي يقوم بمضاعفة عدد القتلى، مع الحرص على إلصاق تهمة إزهاق تلك الأرواح البريئة بالجيش العربي السوري .

 كلنا نعرف أنه في حرم الموت والشهادة تحديدا ترفع كل الأقلام وتجف كل الصحف، لكن عار علينا أيضا أن نقتل شهداءنا مرتين ،مرة بإزهاق أرواحهم البريئة والمرة الثانية بتزوير هوية عدوهم وقاتلهم. من حق الدم السوري أن يعرف سافكه، من حق الروح السورية أن تعرف ناحرها، ومن الواجب الإنساني قبل الوطني فضح كل من يقوم بطمس الحقيقة لترويج الأباطيل وتحقيق غايات ومكتسبات على ذلك الأساس.

بناءً على ما ذكر، فهذا يعني أن ما تعرض له الفلسطينيون في مخيم اليرموك لا يشذ أبداً عما تعرض له السوريون في سائر أرجاء سورية، أي أن ماجرى للفلسطينيين السوريين اليوم هو جزء ممنهج مما جرى ترتيبه للسوريين على مدى قرابة عامين. لذلك فإن تسليط الضوء من قبل الإعلام الرخيص المأجور على أن ما جرى في مخيم اليرموك بأنه حرب عرقية يشنها الجيش السوري على الشعب الفلسطيني هو ذروة الانحطاط الأخلاقي في محاولة رخيصة لخلق فتنة فلسطينية سورية على غرار الفتن الطائفية التي يشتغل عليها بضراوة في معركة سوريا وبالتوازي مع حرب إرهابيي القاعدة وسلفيي العالم على أرض سوريا. وإصدار "القيادة" الفلسطينية قرار إدانة – لا أستبعد إعداده سلفاً أثناء صدور أوامر بنقل المعركة مجددا إلى مخيم اليرموك- دليل على صدق ما ذكر أعلاه. فـ"السلطة" الفلسطينية الابنة الشرعية لأوسلو والتي لم تنفك عن بيع تراب فلسطين من تسعينيات القرن الماضي مرورا بتأمين شراء الاسمنت للجدار العازل وليس انتهاءً بتقليص مساحة فلسطين إلى الربع وحتى اللحظة الحالية، لم تنفك في يوم من الأيام عن تأييد وشرعنة كل ما يصب في خدمة الكيان الصهيوني على حساب الشعب الفلسطيني، أي أن إدانتها لما حصل في مخيم اليرموك اليوم هو صك تأييد للمشروع الصهيوني في سوريا لكن هذه المرة على حساب السوريين والفلسطينيين معاً، وتندرج إدانتها هنا ضمن سياسة تجميع النقاط لدى العدو بإننا الأجدر في خدمة أجنداتكم ليس على أرض فلسطين فحسب بل على صعيد المنطقة بأسرها، بمعنى أنه لو كنا بصدد الحيرة حيال توصيف ما جرى في مخيم اليرموك، فإن شجب عباس لما حصل  يقطع علينا كل طرق الحيرة ليؤكد أن ما تم هنالك يندرج فعلا في إطار خطة ممنهجة قذرة لخلق فتنة سورية فلسطينية. أثمة تأييد لكيان العدو وتبرير لممارساته أكثر من أن يتكلم مسؤول من حماس فيقول أن قتلى الفلسطينيين في مخيم اليرموك يفوق قتلى الفلسطينيين في غزة ؟

وفي سياق متصل لا يجب إهمال دعوات المتحدثة باسم الخارجية الأميريكية فيكتوريا نولاند حيث وجدت في أحداث المخيم فرصة لتقويض "التسوية التاريخية" وتشكيل "حكومة وطنية" دعى إليها فاروق الشارع.

لتكتمل فسيفساء الصورة المعقدة علينا تذكر شيء مهم ألا وهو الخبر الذي حاولت الحرب الإعلامية الترويج له ألا وهو رحيل أو ترحيل أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كنوع من التأكيد و الترويج لخلاف بين النظام السوري والقيادة العامة للجبهة الشعبية حول مصير الفلسطينيين في مخيم اليرموك، وهو الأمر الذي سارع إلى نفيه حسام عرفات عضو المكتب السياسي للجبهة.

محاولة إحداث القسمة السورية الفلسطينية لم يتم الاشتغال عليها في مخيم اليرموك وحده ، بل بالتوازي مع عدة محاور أخرى على سبيل المثال لا الحصر ذلك التقرير الذي بثته القناة العبرية عن صحفيين اسرائيليين دخلا سوريا وتجولا فيها تحت حماية ما يسمى بالـ "الجيش الحر" لينقلا تطمينات للمستوطنين الاسرائيليين بأنه في مرحلة ما بعد سقوط النظام الحالي في سوريا فإنه لامشكلة للسوريين مع الاسرائيليين لدرجة أن شارون أعتى مجرمي الكيان الصهيوني سيكون قرّة عين السوريين في سوريا الجديدة ،وقبل كل الرسائل العديدة الموجهة والواردة في التقرير ثمة رسالة أهم متمثلة ببث تقرير اسرائيلي من سورية ألا وهي :في الوقت القريب الذي كانت الصورايخ التي تسقط عليكم قادمة أو تحتمل احتمال القدوم من سورية، استطاع صحفييكما الدخول والتجول بحرية في سورية، عززوا من مساعداتكم لنا ليتجول كل من شاء منكم على أرض سوريا متى ما أراد، نحن الذين لا نجد حرج من الظهور على شاشاتكم نقول لكم أهلا بكم في سوريا الجديدة.

لأمرٍ ما جدع قصير أنفه هكذا قالت العرب قديما، وأمهر الأطباء عندما يستعصي عليه العلاج بالعقاقير يلجأ للكي، وأحيانا يقوم بالبتر، لا لإن الطبيب سادي عاشق للتعذيب، ولا لإن المريض مجرم اقترف ذنباً يستأهل من أجله العقاب، بل لإن استشراء المرض يحتّم ذلك على كليهما، وفي تلك الحالة يكون الطبيب والمريض على الدرجة ذاتها من الحزن والألم والأمل.

في كتابه Islam at War يتكلم جورج نافزيكر حرفيا عن أهمية معركة اليرموك في تاريخ الإنسانية فيقول:

Although Yarmouk is little known today, it is one of the most decisive battles in human history…… Had Heraclius' forces prevailed, the modern world would be so changed as to be unrecognizable.

بمعنى : على الرغم من أن معركة اليرموك لا تحظى بشهرة واسعة في يومنا الحالي، إلا أنها واحدة من أكثر المعارك الحاسمة في تاريخ البشرية، فلو قدّر النصر لقوات هرقل يومها، لتغير مسار التاريخ بحيث أصبح عالمنا مختلفا عما هو عليه الآن…

كي لا يحقق هرقل الجديد تحت عباءة الناتو والسلفية والجامعة الصهيوعربية هدفه في معركة يرموك المخيم في سوريا اليوم، علينا أن نتسلح بالوعي ونستذكر عيشنا المشترك ونقرأ فيما وراء الأسطر ونحكّم صوت العقل. انتصار هرقل اليوم أيضا من المؤكد سيغير تاريخ المنطقة.

 

 

سورية فلسطين

ياسمين الشام العتيقة وفرانك سيناترا

 

كان لي حلم بسيط كما كان يبدو في الماضي القريب.. أن أجمع باقة من الياسمين الأبيض المعرّش على جدران حدائق المنازل المطلّة على شوارع دمشق بوفرة في طريقي إلى منزل حبيبتي، لاصحطبها في "تمشاية" تحت مطر ناعم خفيف في أزقة الشام القديمة …وهنالك يتآمر علينا المطر فيضاعف من وتيرة انهماره…فنركض ضاحكين من زواية لأخرى هرباً من مياه زواريب سطوح البيوت العتيقة المتآمرة مع المطر في رشق العشاق بسهام من مياه ديم دمشق السكوب  …
اليوم تبدو كلمات أغنية فرانك سيناترا "Fly Me to the Moon"

 
 
حيث يقول :
Let me see what spring is like
On a, Jupiter and Mars
 
أسهل تحقيقا من ذلك الحلم الذي كان بسيطا يوما ما !

 

ياسمين الشام

الشهيد باسل ملك اسحق

 

البطل السوري الشهيد باسل ملك اسحق ليس بشهيد عائلة أو ديانة أو مذهب أو طائفة أو عرق أو أي شيء من هذا القبيل الضيق المقيت، و إن كان بعضهم يصرّ على ذلك فباسل شهيد العائلة السورية الواحدة ، و شهيد الديانة السورية, وشهيد المذهب السوري, وشهيد الطائفة السورية. 
 
رحمةً بروح باسل الطاهرة وعرفاناً بزكي دمّه علينا ألا نحرّف المسار والغاية النبيلة اللذين استشهد في سبيلهما شهيدنا البطل، باسل ابن القامشلي لم يكن شهيد عائلته فحسب لإنه لم يحمل سلاحه ووقف في القامشلي على باب داره ليدافع عن عائلته الصغيرة فقط ، باسل لم يكن شهيد ديانته فحمل سلاحه على باب مسجد أو كنيسة ليدافع عنهما ، الشهيد باسل ملك اسحق ابن القامشلي سافر من مدينته في أقصى شمال شرق سوريا إلى جنوب غرب سوريا البعيد في الزبداني ليدافع عن بلده الحبيب و أخيه السوري في البعيد البعيد لإيمانه بسوريا، و لإيمانه بأن أي شبر في الجمهورية العربية السورية هو جزء من بيته الكبير ، و أن أيّ سوري على أرض الوطن الحبيب هو فرد من أفراد عائلته الكبيرة. 
 
استشهد الشهيد و هو يحارب تحت راية العلم السوري، العلم الذي أفنينا عمرنا ونحن نهتف له من كلمات خليل مردم بيك :
 
رفيفُ الأماني وخَفـقُ الفؤادْ … عـلى عَـلَمٍ ضَمَّ شَـمْلَ البلادْ
 
باسل لم يكتفي بترديد النشيد والعيش على وقع الكلمات وشجون الذكريات، بل أنه سارع إلى واجبه الوطني عندما ناداه العلم ليضم شمل البلاد من أقصى شمال شرقها إلى ابعد جنوب غربها تحت راية آمن بها كما معظمنا مؤمن بها ، في وقت تنصل فيه البعض من ماضيهم و من رايتهم و أخبرونا أن كلماتهم تحت ذلك البيرق كانت محض كذب ،و البعض انزوى ليقول لنا أنه يقف على الحياد لإنه لا يستطيع تحمّل عبء كلمات النشيد و أنه يريد أن يعيش حياته بـ"سلام"، وأيّة حياة بلا وطن ولا كرامة ؟ والبعض يرى أن العلم شأنه شأن أي قطعة قماش ويتعامل معها كما يتعامل مع  جراباته التي يغيرها كل يوم ، هؤلاء من تصنيف كل من "تجوز أمي صار عمي" لا أمل يرجى من حديث معهم.
 
استشهد باسل في سبيل غاية سامية، أمنيتي ألا نقوم بتجيير تلك الغاية السامية وإخضاعها لمآربنا و رؤانا وغاياتنا الخاصة. 
استشهد باسل تحت لواء العلم السوري، العلم ذاته الذي سيكلل جثمانه الطاهر غدا محمولا على أكتاف أبناء وطنه، ليقول لنا الشهيد :
زغردي بالفرحة يا امي بالعلم لفوني ويلي كرمالن ضحيت عكتافن حملوني.
 
 
 

 

الشهيد البطل باسل ملك اسحق- الصورة مأخوذة عن صفحة القامشلي

سوريا

 

أسوق الإبل العطشى
إلى غدران الروح في سوريا
كنبي يتقصّى أثر الشجن
في البيداء والريح
 
طمعاً في الوصول 
نذري قلوبنا في الطريق
للطيور الضارية 
ونمضي مع من مرّوا على رمل الجرح
 
سوريا…نحن أبناؤكِ الخطّائين …النزقين 
في مفترق الكابوس إلى المجهول …
نسألكِ :من أين يمضي الطريق ؟
من أين ؟اهدِنا صراط الخلاص ولو على درب الأولين ..
والله هذه المرة لن نقول لكِ إلا : آمييييييييييييييين
 
SYRIA

طبق الملضوم

طبق الملضوم من أشهر أطباق المطبخ الجزراوي بشكل عام وعلى الأخص مطبخ مدينة القامشلي.

يقدم الطبق مع الرز الأبيض عادة. 

الطبق هنا من إعداد الصديق ثائر وهبي .

الملضوم

 

 

 

الملضوم

سقوط كوكب الشرق ام كلثوم على خشبة المسرح في باريس

 

 
 
غنت أم كلثوم على مسرح (الأولمبياد) عام 1968، في باريس، وحدث السقوط وهي تغني (الأطلال)، وعندما انطلق صوتها الصداح بهذا البيت: (هل رأى الحب سكارى مثلنا كم بنينا من خيال حولنا).
 
في هذه اللحظة، استبد الطرب بأحد الشبان من الجمهور، فانطلق مسرعاً وصعد إلى خشبة المسرح، وجلس أمام أم كلثوم على ركبتيه وأمسك قدمها اليمنى بكلتا يديه، عازماً وبإصرار على تقبيلها، ورفضت هي أن يقبل الشاب قدمها، وحاولت تخليص قدمها من بين يديه، فشدتها إلى الوراء، وبين شدها لقدمها وتشبث يدي الشاب بها، تهاوى جسدها، وسقطت على خشبة المسرح.
 
ولا شك أن سقوط أم كلثوم كان مؤلماً وموجعاً جداً لها، لكن المهم أن الحادث كله من لحظة سقوطها إلى وقوفها وعودتها للغناء لم يستغرق أكثر من ثلاث دقائق، فصبرت على الألم وتحاملت على الوجع، ونهضت لتواصل غناء (الأطلال) بنفس الإبداع والقوة والإبهار.
 
وبذكاءٍ شديد حولت الحادث المثير، إلى نكتة، لتخرج الجمهور من حالة التوتر وتعيده إلى جو الغناء والطرب، فبمجرد وقوفها عادت سريعاً لتغني (هل رأى الحب سكارى مثلنا) والشاب لحظتها في أيدي رجال الأمن يقودونه إلى خارج المسرح، وبذكاء أشد غنت صدر البيت على هذا النحو (هل رأى الحب سكارى بيننا) وهي تشير بيدها إلى آلشاب، فزال التوتر وضحك الجمهور وانطلق يصفق بقوة ويهتف لها بحرارة أشد انبهاراً بمقدرتها الفذة على تجاوز الحادث الأليم بسرعة، وشكراً وعرفاناً لها باحتمالها الألم الشديد من أجله لتنهض من سقوطها الموجع بسرعة فائقة لتقف شامخة وتعود للغناء لتسعده بصوتها المعجزة وغنائها العبقري.
سقوط كوكب الشرق ام كلثوم علي خشبة المسرح في باريس
© 2013 www.ashrafkanjo.com